في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز الشراكة الممتدة لعقود، وقّع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اتفاقية الدفاع الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. جاء هذا التوقيع تتويجاً لزيارة عمل رسمية قام بها ولي العهد إلى واشنطن، شهدت مباحثات مكثفة أثمرت عن مجموعة من الاتفاقيات التي ترسم ملامح مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين الحليفين.
جذور تاريخية لشراكة متجددة
لا تأتي هذه الاتفاقية من فراغ، بل هي امتداد طبيعي لعلاقات راسخة بدأت فصولها الأولى باللقاء التاريخي الذي جمع الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عام 1945. وعلى مدى أكثر من تسعة عقود، تطورت هذه العلاقة لتصبح حجر زاوية في استقرار منطقة الشرق الأوسط وأمن الطاقة العالمي. وتعتبر الاتفاقية الجديدة تحديثاً وتعميقاً لهذه الشراكة، لتتكيف مع التحديات الجيوسياسية المعاصرة وتتوافق مع طموحات رؤية السعودية 2030 التي يقودها ولي العهد.
أبعاد الاتفاقية وتأثيرها الاستراتيجي
تضع الاتفاقية إطاراً متيناً لتعاون دفاعي طويل الأمد، يهدف إلى تعزيز قدرات الردع المشتركة، ورفع مستوى الجاهزية العسكرية، وتعميق التكامل بين القوات المسلحة في البلدين. ولعل أبرز ما يعكس أهمية هذه الخطوة هو إعلان الرئيس ترامب منح المملكة العربية السعودية صفة “حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)”، وهو تصنيف يمنح المملكة امتيازات استراتيجية تشمل تسهيل الحصول على التقنيات والمعدات العسكرية المتقدمة، وتكثيف التدريبات المشتركة.
وتشمل مخرجات الزيارة موافقات على صفقات عسكرية نوعية، من بينها:
- مقاتلات الشبح المتقدمة من طراز F-35.
- دبابات قتالية حديثة.
- طائرات مسيّرة متطورة من طراز MQ-9 برافو.
هذه الصفقات لا تهدف فقط إلى تحديث الترسانة العسكرية السعودية، بل أيضاً إلى ضمان التفوق النوعي للقوات السعودية وقدرتها على مواجهة التهديدات الإقليمية بفعالية.
آفاق أوسع للتعاون الاقتصادي والتقني
لم تقتصر نتائج الزيارة على الجانب الدفاعي، بل امتدت لتشمل قطاعات حيوية تدعم أهداف التنويع الاقتصادي للمملكة. حيث تم الإعلان عن زيادة حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار. كما تم التوقيع على اتفاقيات مهمة في مجالات:
- الطاقة النووية السلمية: وضع الأسس القانونية لشراكة تهدف إلى تطوير برنامج نووي سلمي في المملكة بمليارات الدولارات.
- الذكاء الاصطناعي: الموافقة على بيع شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة لشركة “هيومين” المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، مما يعزز طموحات المملكة في أن تصبح مركزاً تقنياً رائداً.
- المعادن النادرة: إبرام اتفاق لتعميق التعاون في مجال المعادن النادرة، وهو قطاع حيوي لسلاسل الإمداد العالمية والصناعات التكنولوجية المتقدمة.
وأكد ولي العهد خلال الزيارة أن العلاقات السعودية الأمريكية تشهد اليوم نقلة نوعية، متجاوزةً الأطر التقليدية نحو شراكة شاملة تحقق المصالح المشتركة وتدعم السلام والازدهار في المنطقة والعالم.

