أعلن صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية السعودي، عن إطلاق مبادرات المرحلة الثانية من التكامل الصناعي بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، وذلك في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وترسيخ الشراكة الاستثمارية بين البلدين الشقيقين. ويأتي هذا الإعلان تتويجاً للجهود المستمرة التي يبذلها مجلس التنسيق السعودي العُماني، الذي يعمل على تذليل العقبات وتوحيد الرؤى لخدمة مصالح الشعبين.
سياق تاريخي وعلاقات متجذرة
تستند هذه الخطوة إلى إرث طويل من العلاقات الأخوية المتينة بين الرياض ومسقط، والتي شهدت نقلة نوعية وتاريخية منذ الزيارة الميمونة لسلطان عُمان هيثم بن طارق إلى المملكة في عام 2021، وزيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى سلطنة عُمان. وقد أسفرت هذه الزيارات المتبادلة عن تأسيس مجلس التنسيق السعودي العُماني، الذي وضع حجر الأساس لمرحلة جديدة من التعاون المؤسسي، وشهد افتتاح الطريق البري المباشر عبر الربع الخالي، الذي يُعد شرياناً حيوياً لتعزيز التبادل التجاري واللوجستي، مختصراً المسافات ومقلصاً تكاليف النقل بين البلدين.
توافق الرؤى: 2030 و 2040
تكتسب مبادرات المرحلة الثانية من التكامل الصناعي أهميتها القصوى من توافق “رؤية المملكة 2030″ و”رؤية عُمان 2040”. حيث تسعى كلتا الرؤيتين إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، والتركيز على تنويع القاعدة الاقتصادية من خلال تمكين القطاع الصناعي، وتطوير المناطق اللوجستية، ودعم الابتكار والتقنية. ويركز التكامل الصناعي في هذه المرحلة على قطاعات حيوية تشمل البتروكيماويات، والطاقة المتجددة، والتعدين، والصناعات الغذائية، مما يفتح الباب واسعاً أمام القطاع الخاص في البلدين لعقد شراكات استراتيجية ومشاريع مشتركة.
الأثر الاقتصادي والاستراتيجي المتوقع
على الصعيد المحلي، من المتوقع أن تسهم هذه المبادرات في خلق آلاف الفرص الوظيفية للشباب في كلا البلدين، وتوطين التقنيات الصناعية المتقدمة. أما إقليمياً ودولياً، فإن هذا التكامل يعزز من مكانة دول مجلس التعاون الخليجي ككتلة اقتصادية موحدة وقوية. كما أن الربط الصناعي واللوجستي بين المملكة والسلطنة، خاصة عبر الاستفادة من موقع عُمان الاستراتيجي المطل على المحيط الهندي وموانئ المملكة المتطورة على البحر الأحمر والخليج العربي، سيحول المنطقة إلى مركز لوجستي عالمي يربط الشرق بالغرب، مما يعزز من سلاسل الإمداد العالمية ويجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمنطقة بأسرها.

