Scroll Top

الوطن في عيون الأكاديميين.. «عكاظ» ترصد مشاعرهم في ذكرى الوطن

إنجازات شاهدة.. ورؤية رسمت ملامح المستقبل «عزّنا بطبعنا».. هوية ترسخت عبر الأجيال مع إشراقة الذكرى الـ95 لليوم

اليوم الوطني الـ95 للمملكة: مسيرة تاريخية تتجدد برؤية 2030

مع حلول الذكرى الخامسة والتسعين لتوحيد المملكة العربية السعودية، يعود أبناء الوطن إلى محطات تأسيسية رسمت ملامح الدولة الحديثة منذ إعلان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – توحيد البلاد في 23 سبتمبر 1932. المناسبة لم تعد مجرد استذكار لحدث تاريخي مفصلي، بل تحولت إلى منصة لإبراز التلاحم الوطني وتجديد الالتزام بالمستقبل، حيث تلتقي الطموحات الشعبية مع رؤية 2030 التي أطلقت مسارا إصلاحيا وتنمويا شاملا يعزز موقع المملكة إقليميا ودوليا.

جذور تاريخية وانطلاقة وطنية

يرى أكاديميون أن استحضار ذكرى التوحيد يمثل أكثر من مجرد استدعاء لتاريخ المجد؛ فهو تأكيد على وحدة الكيان الوطني الذي قام على أسس دينية وثقافية راسخة. المسيرة التي انطلقت مع المؤسس أرست نموذج دولة حديثة استطاعت أن توازن بين الهوية والتراث من جهة، والانفتاح على مسارات التنمية والتطور من جهة أخرى.

أستاذة الإدارة الصحية بجامعة الملك سعود، الدكتورة عالية المعجل، تشير إلى أن اليوم الوطني هو محطة لتجديد العزم، مؤكدة أن المملكة واصلت خلال العقود الماضية تعزيز حضورها في الساحة الدولية، من خلال سياسات اقتصادية واستثمارات في الطاقة المتجددة والتعليم والتقنية، إلى جانب استضافة فعاليات عالمية عززت مكانتها كمركز مؤثر في المشهد الدولي.

هوية وطنية تحت شعار «عزّنا بطبعنا»

اعتمدت الهيئة العامة للترفيه هوية اليوم الوطني الـ95 تحت شعار «عزّنا بطبعنا». الشعار يعكس مجموعة من القيم المتأصلة في المجتمع السعودي مثل الكرم، الأصالة، الطموح، والجود. هذه القيم لا تُعرض باعتبارها مجرد رموز ثقافية، بل باعتبارها مكونات فاعلة في صياغة الشخصية الوطنية وتوجيه مسارات التنمية.

الهوية الوطنية الجديدة تبرز أيضا الارتباط الوثيق بين الفخر الشعبي ورؤية 2030، حيث يشكل المواطن محور التنمية ومشاركًا أساسيا في صياغة مستقبل البلاد. وفي هذا السياق، فإن التلاحم بين القيادة والشعب يمثل حجر الزاوية في استمرار عملية التحول الوطني.

أبعاد سياسية واجتماعية لليوم الوطني

الأكاديمي الدكتور خالد الثبيتي يوضح أن الوطن قيمة سياسية واجتماعية، تتجسد في التماسك والولاء والانتماء. وهو يرى أن الهوية الجديدة تعكس خصائص أصيلة مثل العزة والكرم والشجاعة، ما يعزز مفهوم الانتماء الوطني ويمنح الأجيال الجديدة فرصة لفهم عمق العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل.

تعزيز الوحدة الوطنية

اليوم الوطني يعد مناسبة لإعادة التأكيد على الوحدة الوطنية تحت راية واحدة، وتجديد العهد على مواصلة البناء في ظل التحولات التي تشهدها المملكة.

تكريم الإنجازات الوطنية

الاحتفاء باليوم الوطني هو أيضا مناسبة لتقييم ما تحقق من إنجازات في قطاعات مثل الاقتصاد والتعليم والبنية التحتية، فضلا عن المشاريع التنموية العملاقة التي ارتبطت برؤية 2030.

رؤية 2030: عقد من التحولات

تزامن اليوم الوطني الـ95 مع مرور عقد على إطلاق رؤية المملكة 2030، التي ارتكزت على ثلاثة محاور إستراتيجية: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح. الرؤية تضمنت 96 هدفا إستراتيجيا يجري العمل على تحقيقها عبر 11 برنامجا تنفيذيا ومجموعة واسعة من المبادرات.

مجتمع حيوي

شهدت المملكة خلال السنوات الماضية مبادرات لتحسين جودة الحياة، وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية، إلى جانب تعزيز مكانة المواقع التراثية في قائمة اليونسكو. كما جرى التركيز على دعم السياحة والفعاليات الثقافية والترفيهية، مما أوجد مجالات جديدة للتفاعل المجتمعي والاقتصادي.

اقتصاد مزدهر

حققت المملكة تقدما ملحوظا في مؤشرات التنافسية العالمية، وارتفعت مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي، كما تنوعت مصادر الدخل الوطني بفضل زيادة الأنشطة غير النفطية، ونمت أصول صندوق الاستثمارات العامة بشكل قياسي، الأمر الذي عزز موقع المملكة كمركز استثماري عالمي.

وطن طموح

في هذا المحور، برزت الإصلاحات في منظومة الخدمات الحكومية عبر التحول الرقمي، إلى جانب مبادرات للحفاظ على البيئة ودعم الاستدامة. كما عززت المملكة من دور الكوادر الوطنية عبر برامج التوطين وإتاحة فرص أكبر للمشاركة في التنمية.

التعليم العالي كمحرك للتنمية

يؤكد الدكتور عبدالله الوزرة، أستاذ إدارة التعليم العالي، أن الاستثمار في التعليم يشكل أحد أعمدة الرؤية. فقد ارتفع عدد الجامعات الحكومية والأهلية، وأُطلق نظام الجامعات الجديد عام 2019 الذي وفر استقلالية أكبر للمؤسسات الأكاديمية، ما أتاح مرونة في تبني تخصصات جديدة وبناء شراكات محلية ودولية.

كما اتجهت الجامعات السعودية إلى تأسيس مراكز بحثية متقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والبيانات الضخمة، فضلا عن استقطاب جامعات عالمية لافتتاح فروع لها داخل المملكة. هذه المبادرات تمثل ترجمة عملية لبرنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج الرؤية، الذي يسعى لتزويد المواطنين بمهارات المستقبل.

خاتمة: بين الماضي والمستقبل

على مدى خمسة وتسعين عاما، شكلت المملكة نموذجا لمسيرة دولة استطاعت الجمع بين الأصالة والحداثة. اليوم الوطني الـ95 لا يقف عند حدود الاحتفاء بتاريخ التوحيد، بل يمثل نافذة إلى المستقبل، حيث تلتقي الرؤية الإصلاحية مع طموحات الأجيال الجديدة، في ظل ثقة متجددة بقدرة المملكة على مواصلة دورها الإقليمي والدولي ضمن موازين القوة العالمية المتغيرة.

اخر الاخبار