أقر مجلس الوزراء السعودي، في جلسته المنعقدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2026م. ويأتي هذا الإقرار استكمالاً لمسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تشهدها المملكة في ظل رؤية 2030، مؤكداً على متانة المركز المالي للمملكة وقدرتها على مواصلة تمويل المشروعات التنموية الكبرى.
استمرار نهج الاستدامة المالية والتنويع الاقتصادي
يعكس إقرار ميزانية عام 2026م التزام القيادة الرشيدة بنهج الاستدامة المالية الذي تبنته المملكة خلال السنوات الماضية. حيث تركز السياسات المالية على تعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي وتوجيهه نحو القطاعات ذات الأولوية الاستراتيجية، مع الحفاظ على مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية. وتأتي هذه الميزانية تتويجاً لجهود استمرت لسنوات تهدف إلى فك الارتباط التقليدي بين الإنفاق الحكومي وتذبذب أسعار النفط، من خلال التركيز المكثف على تنمية الإيرادات غير النفطية التي شهدت نموًا ملحوظًا وتاريخيًا منذ إطلاق الرؤية.
سياق التحول الوطني وخلفية الإصلاحات
بالنظر إلى الخلفية التاريخية لهذا الحدث، فإن ميزانية 2026م تمثل محطة مفصلية مع اقتراب المملكة من الموعد النهائي لتحقيق مستهدفات رؤية 2030. فمنذ عام 2016، عملت الحكومة على إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وإطلاق برامج تحقيق الرؤية، وتأسيس بنية تحتية تشريعية وتنظيمية جاذبة للاستثمار. وتعد هذه الميزانية ثمرة لسياسات التوازن المالي التي نجحت في تجاوز التحديات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك تداعيات الأزمات السابقة، لتضع الاقتصاد السعودي ضمن قائمة الاقتصادات الأسرع نمواً والأكثر مرونة في مجموعة العشرين.
الأهمية الاستراتيجية والتأثير المتوقع
يحمل إقرار هذه الميزانية دلالات هامة على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية:
- محلياً: تضمن الميزانية استمرار ضخ السيولة في المشاريع الكبرى (Giga-projects) مثل نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، مما يعزز من فرص العمل للمواطنين ويرفع من جودة الحياة، بالإضافة إلى دعم وتمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي.
- إقليمياً: يعزز الاستقرار المالي للمملكة من مكانتها كقوة اقتصادية رائدة في الشرق الأوسط، مما ينعكس إيجاباً على استقرار الأسواق الإقليمية وجذب الاستثمارات الأجنبية للمنطقة ككل.
- دولياً: يرسل إقرار الميزانية رسائل طمأنة للمؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني حول جدية المملكة في الالتزام بمسار الإصلاح الهيكلي، مما يعزز الثقة في الاقتصاد السعودي كوجهة استثمارية عالمية آمنة ومستقرة.
وفي الختام، يمثل إقرار ميزانية 2026م خطوة متقدمة نحو تحقيق طموحات المملكة في بناء اقتصاد مزدهر ومتنوع، يعتمد على الابتكار والمعرفة، ويحقق الرفاهية المستدامة للمواطنين والأجيال القادمة.

