تعيين صالح الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية صدر بأمر ملكي كريم، نصّ على تسمية الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان مفتيًا عامًا للمملكة ورئيسًا لهيئة كبار العلماء ورئيسًا عامًا للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمرتبة وزير. وجاء القرار بناءً على ما عرضه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ليكون الفوزان المفتي الرابع للمملكة بعد المشايخ: محمد بن إبراهيم، وعبدالعزيز بن باز، وعبدالعزيز آل الشيخ – رحمهم الله.
سيرة علمية راسخة وبدايات مبكرة
وُلد الشيخ صالح الفوزان في بلدة الشماسية جنوب القصيم عام 1354هـ، وحفظ القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة على يد إمام مسجد البلدة. التحق بالمعهد العلمي في بريدة وتخرّج عام 1377هـ، ثم نال درجة البكالوريوس في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1381هـ. وتابع دراسته العليا بحصوله على الماجستير في الفقه بعنوان «التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية»، ثم الدكتوراه في الفقه بعنوان «أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية».
مسار مهني متدرّج في التعليم والقضاء الشرعي
عمل الشيخ الفوزان في التدريس بالمرحلة الابتدائية، ثم التحق بالمعاهد العلمية. وبعد تخرّجه من الجامعة درّس في المعهد العلمي بالرياض لمدة عامين، ثم نُقل للتدريس في كلية الشريعة، وبعدها كلية أصول الدين. كما تولّى إدارة المعهد العالي للقضاء، وعمل مدرسًا فيه لاحقًا، ما عزّز خبرته الأكاديمية والتنظيمية في آنٍ معًا.
إشادات علمية ومنهجية
أثنى عليه الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في فقهه وفتاواه، وعدّه مؤرخون مثالاً للعالم الربّاني، ومن أبرز المتمسكين بالمنهج السلفي. وتعكس هذه الإشادات مكانته العلمية وسلامة منهجه في التأصيل والفتوى.
عضويات ومشاركات واسعة
نال الفوزان عضوية هيئة كبار العلماء، وعضوية المجمع الفقهي بمكة المكرمة، وشارك في مؤتمرات داخلية وخارجية، كما درّس في المساجد وألقى محاضرات في جهات متعددة. وهو عضو في لجنة الإشراف على الدعاة في التوعية الإسلامية خلال موسم الحج، بما يبرز حضوره العلمي والميداني.
مؤلفات فقهية وعقدية بارزة
للشيخ الفوزان نتاج علمي متنوّع، من أبرز كتبه: «أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية»، «التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية»، «استثمار أموال الزكاة»، «الجراحة التجميلية.. عرض طبي ودراسة فقهية مفصّلة»، «صرف الزكاة في الدعوة إلى الله.. دراسة تأصيلية تطبيقية»، «الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد»، «الملخص الفقهي»، «شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب»، و«البيان لأخطاء بعض الكتّاب».
دلالات القرار وأثره المؤسسي
يعزّز تعيين صالح الفوزان مفتيًا عامًا توحيد المرجعية الإفتائية ورفع كفاءة العمل العلمي في هيئة كبار العلماء والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء. كما يرسّخ الانسجام بين التأصيل الفقهي ومتطلبات الواقع، ويضمن استمرار نهجٍ مؤسسيّ في إدارة ملفات الإفتاء والبحوث وفق ضوابط علمية راسخة.
خلاصة
يمثّل الأمر الملكي محطة مفصلية في مسار المؤسسة الإفتائية، إذ يجمع بين ثِقلٍ علمي وسيرةٍ أكاديمية وخبرةٍ تنظيمية. وبصفته المفتي الرابع للمملكة، يُنتظر أن يسهم الشيخ الفوزان في تطوير آليات العمل الإفتائي، وتعزيز حضوره العلمي محليًا وعالميًا ضمن إطار مؤسسي متماسك.

