حققت المملكة العربية السعودية إنجازاً تقنياً وريادياً جديداً بحصولها على المركز الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2025. ويأتي هذا التصنيف ليتوج الجهود الحثيثة التي بذلتها المملكة في السنوات الأخيرة لتعزيز بنيتها التحتية الرقمية وتبني أحدث تقنيات المستقبل، مما يعكس التزاماً حكومياً راسخاً بالتحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.
ويستند هذا الإنجاز إلى ركائز متينة أرستها رؤية المملكة 2030، التي وضعت التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في صلب أولوياتها الاستراتيجية. ولم يكن هذا التقدم وليد الصدفة، بل جاء نتاجاً لخطط مدروسة قادتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، التي عملت منذ تأسيسها على تنظيم قطاع البيانات وتمكين تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً في هذا المجال بحلول عام 2030.
تتمحور أهمية هذا المؤشر حول تقييم قدرة الحكومات على استيعاب وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدماتها العامة، ويعتمد التقييم على ثلاثة محاور رئيسية: الحكومة، وقطاع التكنولوجيا، والبيانات والبنية التحتية. وقد أظهرت المملكة تفوقاً ملحوظاً في هذه المحاور، لا سيما في جانب الحوكمة الرقمية، وتوافر البيانات المفتوحة، وتطوير الكفاءات البشرية الوطنية القادرة على التعامل مع هذه التقنيات المتقدمة.
على الصعيد الاقتصادي، يحمل هذا التصنيف دلالات هامة؛ إذ يعزز من جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التكنولوجيا، ويشجع الشركات العالمية الكبرى على اتخاذ الرياض مقراً إقليمياً لعملياتها التقنية. كما يسهم تبني الذكاء الاصطناعي في رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين، وتسريع وتيرة اتخاذ القرارات المبنية على البيانات الدقيقة.
إقليمياً ودولياً، يرسخ هذا المركز الريادي مكانة السعودية كقوة ناعمة مؤثرة في صياغة مستقبل التكنولوجيا، حيث تستضيف المملكة بانتظام القمم العالمية للذكاء الاصطناعي، مما يجعلها منصة للحوار العالمي حول أخلاقيات وتشريعات الذكاء الاصطناعي. إن تصدر المملكة لمؤشر 2025 يعد مؤشراً قوياً على نجاحها في بناء منظومة تقنية متكاملة ومستدامة، قادرة على مواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة والمنافسة مع الاقتصادات المتقدمة.

