نيابةً عن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، شارك وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، في أعمال قمة قادة دول مجموعة العشرين المنعقدة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا. وفي كلمته خلال الجلسة الأولى التي حملت عنوان “النمو الاقتصادي الشامل والمستدام”، أكد الأمير فيصل على الموقف الراسخ للمملكة العربية السعودية الداعم لإصلاح منظمة التجارة العالمية (WTO)، وشدد على ضرورة بناء نظام تجاري عالمي متعدد الأطراف يتسم بالعدالة والشفافية والشمولية.
السياق التاريخي وأهمية منظمة التجارة العالمية
تأسست منظمة التجارة العالمية في عام 1995 خلفاً للاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (GATT) التي أبرمت عام 1948. وتعتبر المنظمة الركيزة الأساسية للنظام التجاري العالمي، حيث تهدف إلى تحرير التجارة الدولية وضمان تدفقها بسلاسة وشفافية. ومع ذلك، واجهت المنظمة في السنوات الأخيرة تحديات متزايدة، بما في ذلك صعوبة التوصل إلى اتفاقيات جديدة، وتزايد النزاعات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، والحاجة إلى تحديث قواعدها لتواكب التطورات الاقتصادية العالمية مثل التجارة الرقمية والاستدامة البيئية. ومن هنا، تكتسب الدعوات لإصلاحها، كتلك التي تتبناها المملكة، أهمية قصوى لضمان استمرارية فعاليتها في خدمة الاقتصاد العالمي.
موقف المملكة وأثره على الساحة الدولية
يأتي تأكيد المملكة على دعم إصلاح المنظمة في سياق دورها المتنامي كقوة اقتصادية مؤثرة ضمن مجموعة العشرين. فالمملكة، ومن خلال رؤية 2030، تسعى لتنويع اقتصادها وزيادة صادراتها غير النفطية وجذب الاستثمارات الأجنبية، وهي أهداف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود نظام تجاري دولي مستقر وعادل. وأشار وزير الخارجية إلى أن جهود المملكة تتماشى مع رؤيتها الطموحة في تعزيز الاستثمار المسؤول والتصنيع المستدام، واستغلال الموارد بكفاءة لدعم التنمية. إن هذا الموقف لا يخدم المصالح الاقتصادية للمملكة فحسب، بل يعزز أيضاً من مكانتها كشريك دولي فاعل يسهم في إيجاد حلول للتحديات العالمية، ويعطي زخماً للجهود الدولية الرامية إلى تحديث الحوكمة الاقتصادية العالمية.
تكامل الجهود لمواجهة التحديات العالمية
لم تقتصر كلمة الأمير فيصل بن فرحان على التجارة، بل دعا إلى مواءمة جهود مجموعة العشرين مع أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، ومعالجة التحديات المترابطة التي تواجه العالم، مثل الأمن الغذائي وأمن الطاقة، وتغير المناخ، والتحول الرقمي. وشدد على أهمية التعاون الدولي القائم على المسؤولية المشتركة لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة وتخفيف أعباء الديون عن الدول النامية. واختتم كلمته بالتأكيد على أن التحديات العالمية العابرة للحدود تتطلب تضامناً دولياً حقيقياً وتعاوناً متعدد الأطراف، وهو ما يمثل جوهر عمل مجموعة العشرين، لبناء اقتصاد عالمي أكثر شمولية واستدامة لا يترك أحداً خلف الركب.

