صدرت موافقة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني، على تجديد عضوية يوسف بن عبدالله البنيان رئيساً لمجلس إدارة بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة لمدة ثلاث سنوات ابتداءً من 03 / 06 / 1447هـ. ويأتي القرار امتداداً لنهج الاستمرارية في الحوكمة وتثبيت الأولويات التنموية المرتبطة بتمكين قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتوسيع مصادر التمويل أمامه.
دلالات القرار: استمرارية الحوكمة وتثبيت الأولويات
يعكس تجديد عضوية رئيس مجلس إدارة البنك توجهاً مؤسسياً نحو الاستقرار في السياسات الائتمانية والتنموية، بما يضمن عدم انقطاع المبادرات التي أُطلقت خلال الأعوام الماضية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويُقرأ القرار أيضاً بوصفه إشارة تنظيمية للسوق المالي حول اتساق السياسات مع مستهدفات تنمية القطاع الخاص، وتعزيز أدوات التمويل التي تقلل من فجوة الوصول إلى الائتمان وتدعم استحداث منتجات مالية مبتكرة تلائم طبيعة هذا القطاع.
خلفية: بنك تنموي ضمن منظومة صندوق التنمية الوطني
أُنشئ بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة بقرار من مجلس الوزراء، ويُعد أحد الصناديق والبنوك التنموية التابعة لصندوق التنمية الوطني. وتتمثل رسالته في زيادة إجمالي محفظة القروض في القطاع المالي، وسد الفجوة التمويلية، وتعزيز مساهمة المؤسسات المالية في تقديم حلول تمويلية مبتكرة؛ وذلك لرفع قدرة المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التوسع، وتنويع مصادر دخلها، وتحسين قدرتها على إدارة المخاطر.
وتتسق هذه الأهداف مع مسار التحول الاقتصادي، حيث يُنظر إلى قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة باعتباره ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية وممكّناً رئيسياً لرفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، وزيادة التوظيف، وتحفيز الابتكار، وتوطين سلاسل القيمة.
رسالة رئيس مجلس الإدارة: تحفيز النمو وتعظيم الأثر الاقتصادي
رفع يوسف البنيان الشكر والتقدير لولي العهد على الثقة، مؤكداً أن الدعم المستمر لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كان المحفز الرئيس للتوسع الملحوظ في السنوات الماضية، سواء على مستوى المنتجات التمويلية أو على صعيد ارتفاع قيمة التسهيلات. وأشار إلى أن مجلس الإدارة سيواصل عمله لتحفيز نمو المنشآت، وتعزيز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، بما يحقق الاستدامة المالية ويدعم مسيرة النمو الاقتصادي للمملكة.
تحليل: كيف ينعكس القرار على سوق التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة؟
من منظور السياسات العامة، يُنتظر أن يساهم تثبيت قيادة البنك في تسريع دورة اتخاذ القرار وتطوير المنتجات التمويلية المتخصصة التي تستجيب لتباين احتياجات القطاعات (التقنية، التصنيع الخفيف، الخدمات، وسلاسل الإمداد). كما يعزز القرار من قدرة البنك على بناء شراكات مع المصارف وشركات التمويل لتوسيع الإقراض غير المباشر، وتحسين آليات الضمان، وتطوير أدوات تمويل بديلة تراعي دورة حياة المنشآت من التأسيس إلى التوسع.
وعلى مستوى البيئة الاستثمارية، فإن وضوح التوجهات المؤسسية عادة ما يقلل درجة عدم اليقين لدى الممولين والمستثمرين، ويخلق أساساً أكثر قابلية للتنبؤ في ما يتعلق بتكلفة التمويل وشروطه. كما يساعد الاستقرار المؤسسي في قياس الأثر بدقة أعلى عبر مؤشرات مثل نمو المحفظة، معدلات التعثر، ومستوى الشمول المالي للمناطق والقطاعات المختلفة.
وجهات نظر مختلفة: ما الذي يتطلع إليه السوق؟
يرى مختصون أن تعزيز أثر البنك يتطلب مواصلة العمل على تقليص الفجوة التمويلية للمنشآت الناشئة ومتناهية الصغر، وتكامل الأدوار بين أدوات التمويل المباشر وغير المباشر، وتطوير منتجات تتناسب مع مخاطر الابتكار وريادة الأعمال. وفي المقابل، يركز آخرون على أهمية إدارة المخاطر وتوازن النمو مع الاستدامة المالية، وتطوير البنية الرقمية التي تسهّل تقييم الجدارة الائتمانية، وتسرّع إجراءات المنح، وترفع مستوى الشفافية.
وبين هذين المنظورين، يبرز التحدي في الجمع بين توسيع الوصول إلى التمويل من جهة، والحفاظ على صلابة المعايير الائتمانية من جهة أخرى. ويعتمد النجاح على القدرة المؤسسية للبنك في تصميم منتجات متدرجة المخاطر، وتحفيز الشراكات مع القطاع المالي، وإتاحة قنوات تمويل تلائم طبيعة كل قطاع وحجمه.
السياق السعودي: تمكين القطاع الخاص ضمن رؤية تنموية طويلة المدى
يأتي القرار منسجماً مع منهجية المملكة في تعزيز دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة ضمن مسار التنويع الاقتصادي، وتوسيع قاعدة الإنتاج والخدمات ذات القيمة المضافة. ومن خلال التمويل الموجه والحلول المبتكرة، تسعى المنظومة التنموية إلى رفع كفاءة السوق، وتحسين جودة النمو، ودعم تنافسية المنشآت محلياً وإقليمياً، بما يعكس توازنًا استراتيجيًا في رسم السياسات الاقتصادية وتحويلها إلى واقع تنفيذي.
خلاصة
يوفر تجديد عضوية رئيس مجلس إدارة بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة استمرارية مؤسسية لازمة لدفع برامج التمويل والتمكين قُدماً. ويُنتظر أن تُترجم هذه الاستمرارية إلى توسع في محفظة القروض، وتنوع أكبر في المنتجات، وتحسّن في الشمول المالي، بما يدعم مساهمة القطاع في الناتج المحلي ويعزز الاستدامة المالية. ومع استمرار التنسيق ضمن منظومة صندوق التنمية الوطني، تتعزز فرص الربط بين السياسات والبرامج التنفيذية، في اتجاه يوازن بين نمو القطاع الخاص وجودة المخاطر والانضباط المالي.

