مجمع الفقه الإسلامي ينعي المفتي العام للمملكة ويبرز إرثه العلمي
عبّر الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور قطب مصطفى سانو، باسمه ونيابة عن رئاسة وأمانة المجمع وأعضائه وخبرائه ومنسوبيه، عن خالص تعازيه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وللشعب السعودي والأمة الإسلامية جمعاء، في وفاة المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ. ويُعد رحيل الشيخ مناسبة تستدعي التوقف عند مسيرته العلمية والشرعية التي ارتبطت بتاريخ المؤسسة الدينية في المملكة ودورها في العالم الإسلامي.
إرث علمي ودور مؤسسي
أوضح الأمين العام للمجمع أن الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ كرّس حياته لخدمة الشريعة الإسلامية والفتوى، وكان حاضراً في مسيرة المؤسسة الدينية السعودية لعقود طويلة. فقد تولى مواقع مؤثرة، من بينها رئاسة هيئة كبار العلماء، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، إلى جانب رئاسته للمجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي. هذه المناصب عززت من حضوره العلمي والدعوي، ووضعت المملكة في موقع مرجعي على مستوى الفقه والفتوى في العالم الإسلامي.
منهج وسطي ورسالة دعوية
تميّز الشيخ الراحل بتبنيه منهج الوسطية والاعتدال في الدعوة، إذ دعا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وسعى إلى ترسيخ عقيدة التوحيد في مختلف المجتمعات. وقد ارتبط اسمه بجهود واسعة في نشر المعرفة الشرعية، وتبصير الناس بأحكام دينهم استناداً إلى الكتاب والسنة، مع الالتزام بمبدأ النصح لله ولرسوله وولاة الأمر وعامة المسلمين. هذا الدور جعل من المؤسسة الدينية في المملكة مرجعاً يحظى بالاحترام، وأسهم في تعزيز صورتها كدولة داعمة لنهج الاعتدال.
الأبعاد السياسية والدينية للوفاة
يحمل رحيل المفتي العام للمملكة بعداً سياسياً ودينياً في آن واحد، فهو يمثل انتقالاً في القيادة الدينية داخل السعودية، في وقت يشهد فيه العالم الإسلامي تحولات متسارعة على مستوى الفكر والخطاب الديني. ومن المتوقع أن يفتح غياب الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ الباب أمام مرحلة جديدة، تواصل فيها السعودية دعم منهجها الإصلاحي والديني المتوازن، عبر مؤسساتها الرسمية والهيئات الشرعية المرتبطة بها.
انعكاسات إقليمية ودولية
يأتي هذا الحدث في ظل حاجة العالم الإسلامي إلى خطاب ديني رصين يواجه التحديات الفكرية والتيارات المتطرفة. ومن هذا المنطلق، فإن الدور السعودي في تعزيز مرجعية دينية موثوقة يظل محورياً، خاصة وأن المملكة تستضيف مؤسسات دولية مثل مجمع الفقه الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، ما يمنحها مكانة خاصة في ضبط وتوجيه النقاشات الفقهية والفكرية على المستويين الإقليمي والدولي.
خاتمة
يمثل رحيل المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ محطة مهمة في تاريخ المؤسسة الدينية السعودية، ويعيد تسليط الضوء على الأدوار التي لعبها في خدمة الشريعة، ونشر قيم الوسطية والاعتدال، وتقديم النصح للقيادة والمجتمع. كما يبرز في الوقت نفسه المكانة التي تحتلها السعودية بوصفها مرجعاً دينياً وسياسياً مؤثراً، قادراً على الاستمرار في صياغة خطاب ديني متوازن يتوافق مع رؤيتها الاستراتيجية ويخدم قضايا الأمة الإسلامية.

